الأحد، 29 يونيو 2014

مشكلة الإنسان وهروبه من نفسه


لماذا يشعر الإنسان انه وحيد ومتغرب؟ ولماذا هو قلق ومضطرب؟ لماذا يقارن نفسه بالآخرين، بل ويسعي بكل قوته للتفوق عليهم؟ لماذا يفكر في أفكاراً متضاربة في نفس الوقت؟ أي انه قد يشعر بانه سعيد وحزين في آن واحد واحيانا لا يعرف بما عليه أن يشعر. لماذا هو في سعي دائم لجمع المال؟ ولا يكتفي أبداً بما لديه. لماذا هو قلق ومضطرب؟ ولماذا غير راضي عن ما يحققه من إنجازات؟ لماذا هو أناني؟ لما يهتم بكلام الناس ؟ ويعيش لإرضاء الآخرين. لماذا لا يعرف كيف يحب نفسه؟ لماذا يخون الأمانة؟ لماذا لايستطيع أن يثق بسهولة؟ لماذا يشعر بالذنب؟ لماذا هناك صراعات ومنافسات بين البشر؟ لماذا يحكم ويدين علي الآخرين؟ وكانه يجلس في مكان الله. لماذا النميمة والحقد والغيرة؟ لماذا يضع بينه وبين الآخر أسواراً؟ لماذا يرتدي الأقنعة؟ فما هي مشكلة الإنسان؟

سبب مشكلة الإنسان 

خلق الله الإنسان في أفضل الأحوال، فكان الإنسان متصلاً بالله ولذلك كان يعيش في توافق وإنسجام تام مع الله وكل الخليقة. ولكن بعد سقوطه حدث إنفصال بينه وبين الله، وبالتالي حدث إنفصال بينه وبين نفسه وبين الآخرين وبين الطبيعة.


مظاهر الإنفصال 

1- اصبح الإنسان معرضاً لكافة الإضطرابات

 فقالت الحية الله عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح اعينكما وتكونان كما الله عارفين الخير والشر (تك 5/3). وقال آدم " سمعت صوتك في الجنة فخشيت لاني عريان فاختبات ( تك 10/3). فقد كانا كلاهما عريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان. (تك23/2).

بالفعل انفتحت اعينهما واصبحا مدركين انهم عريانين. فلم يكن آدم يدرك معني الخوف من قبل ولا يعرف الإختباء من الله. ولكن منذ ذلك الوقت، بدأ المرض و الألم والشيخوخة والشعور بالذنب والخوف والقلق والموت يدخل إلي الانسان. أي انه فقد سلامه الداخلي الذي كان يتمتع به.
وذلك يتضح في الحقد والغيرة التي كان يكنها قايين( أول قاتل في التاريخ) لأخيه هابيل، وفي النهاية تحول الحقد والغيرة إلي قتل. فمنذ بداية الحياة بعد السقوط أراد الإنسان الأفضل لنفسه بلا منازع حتي انه لكي يتفرد قد يزيل كل ما في طريقه من عقبات تصل الي القتل.

2- تغيير علاقته بزوجته

اوقع الرب سباتا علي ادم فنام واخذ واحدة من اضلاعه وملأ مكانها لحما. وبني الرب الضلع التي اخذها من ادم امراة واحضرها الي ادم فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي(تك2). أما بعد السقوط تغيرت علاقته الحسنة بامراته والقي عليها المسئولة. فقال آدم المراة التي جعلتها معي هي اعطتني من الشجرة فاكلت (تك 12/3). 

وفي عالمنا المعاصر علي الرغم من الانجذاب العاطفي بين الرجل والمراة الا ان المشاكل بينهما طاحنة.(سنتحدث عن هذه العلاقة بإستفاضة في مقال آخر)

اثر الإنفصال علي الإنسان المعاصر

لقد وفر العالم المعاصر للإنسان كل وسائل الراحة والترفيه والكماليات. وهو بالتالي  يدعو إلي إستهلاك أكبر قدر من المنتجات، مصورا لنا انها تحقق أكبر قدر من الرفاهية، وهذا ما يسمونه عصر التقدم... بالطبع لكل شئ سلاح ذو حدين واننا لسنا ضد التطور ولكن يجب أن يكون هناك توازن وإلا يكون الإنسان عبداً لتلك السلع. إذن لم تكن المشكلة في الحياة وما أتت به من إمكانيات. بل هي مشكله داخل الإنسان...فإشتهاء إمتلاك المزيد والمزيد هو إشتياق لملء فراغ في حياته، فالإنسان هو متغرب عن نفسه. وهذا يتضح حينما نجد ان أغنياء قاموا بالإنتحار، علي الرغم من كثرة ممتلكاتهم إلا انهم في الداخل مضطربين، فالفجوة بين داخل الإنسان وخارجه متسعة.

تعامل الإنسان مع هذا الإضطراب 


كثيراً ما يخدع الإنسان نفسه - دون وعي- ويظهر في الخارج عكس ما يشعر به في الداخل. وهذا هو دوره في إرتداء الأقنعة.

المشكلة الأساسية للإنسان المعاصر

هروبه من نفسه

علي الرغم من أن الإنسان يريد أن يضع نفسه مركز للكون وان يكون أهم إنسان في الحياة، فهو لا يريد أن يقترب إليها ويراها علي حقيقتها. فبعد السقوط لم يجد الإنسان امامه سوي أن يهرب من نفسه، فأول شئ يفعله الإنسان حين يتألم هو الهروب فهو اصبح يخاف من هذه النفس ولا يريد الاقتراب منها. قد يكون الهروب بالأكل، النوم، المخدرات، العلاقات، أحلام اليقظة، الإنترنت عموما، الشراء، السينما، تغيير المظهر ... الخ 

كيف أفهم نفسي

  • نحتاج أن نفهم البعد النفسي للإنسان، فالبدايات تكون بطبعها صعبة،ولكي نصقل الحديد وتنقيته يتعرض لأشد درجات الحرارة ولكن يخرج شيئاً جميلاً هذا ما سيحدث مع الإنسان. فالأهم هو الإرادة واتخاذ القرار.
  • أن أعرف حقيقة أفكاري ومشاعري وأن احاول تذكر الماضي وفهمه ومصالحته، وأيضاً أفهم ما يحدث بداخلي الان. 
  • يجب أن أعرف ما هي الأمور التي تستعبدني في حياتي؟ وهل أستطيع أن أمتنع عنها؟ حتي أستعيد مرة أخري سيطرتي علي نفسي لأكون حراً.
  • فعندما اتلامس مع نفسي وأعرفها، أشعر بمدي المي ويأسي فأرتمي في أحضان الله فاجده وأجد نفسي.














ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق